إشكالية الملتقى:
إذا كان العالم الذي نعيش فيه اليوم هو عالم المعلومات فإنه من غير المبالغ فيه أن نعتبر المقروء من أهم مصادر هذه المعلومات، إن لم يكن أهمها على الإطلاق، بالنظر إلى قدرته على احتواء ما يريده الكاتب كمّا ونوعا، سواء كان علميا أم تعليميا أم صحفيا أم تثقيفيا.
إن القراءة، في وقتنا الحاضر، من أهم أدوات التواصل بين الأفراد والجماعات. إذ إنّ قضاء أبسط الحاجيات أصبح يتم بواسطة آلات إلكترونية، تصدر تعليمات مكتوبة ينبغي أن يقرأها المستعمل ويفهمها حتى يتمكن من استخدامها والتفاعل معها، بل إن جميع التجهيزات سواء كانت منزلية أم مكتبية أم شخصية يتطلب تشغيلها وصيانتها قراءة الدليل المرفق بها، وفهم ما يتضمنه من إرشادات وتوجيهات.
يقتضي كل هذا ضرورة ابتكار أدوات موضوعية من شأنها تحديد مستوى انقرائية (Lisibilité) النصوص، أي تقدير درجة الصعوبة التي يواجهها قارئ من مستوى معين في فك رموزها وفهم ما تتضمنه من أفكار ومعطيات فهما جيدا.
يسمح، مثل هذا الإجراء، بتوقع مدى احتمال فهم الرسالة التي يتضمنها نص ما من طرف متلقيها. كما يجعل إمكانية تعديلها أمرا ممكنا قبل وضعها في صيغتها النهائية ونشرها.
لقد شُرع، لأول مرة، في البحث عن أدوات موضوعية لتقدير انقرائية النصوص بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1952. أما أول صيغة رياضية لتقدير هذه الانقرائية فقد وضعها عالمان أمريكيان هما ليفلي (Lively) وﭙريسي (Pressey) عام 1923.
وكانت أول محاولة لتكييف هذه الصيغ مع خصوصيات اللغة الفرنسية في عام 1958 وتبعتها عام 1963 أبحاث كل من G. De Landsheere وF. Richaudeau.
وضَبطت أكثر من نصف ولايات الولايات المتحدة الأمريكية اليوم ترتيبات تنظيمية تم بموجبها إلزام بعض الإدارات والمؤسسات الخدماتية بتحرير نصوص وثائقها بحيث لا يقل مستوى انقرائيتها عن قيمة محددة.
أما اللغة العربية فبقيت، إلى حد ما، بعيدة عن مثل هذه الدراسات والبحوث، رغم الشكوى دائما من ظاهرة استغلاق النص العلمي خاصة وقصور اللغة العربية على مستوى مضامينه، وليست المحاولات التي جرت، على قلتها، بخصوص وضع صيغ رياضية لتقدير انقرائية النصوص العربية، إلا ترجمة حرفية للصيغ المستعملة في اللغة الإنجليزية من دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات اللغة العربية وتفردها عن هذه اللغة.
يتبين مما تقدم أن تقدير انقرائية النصوص في اللغة العربية ما زال متأخرا، في الوقت الذي تزداد فيه حاجة مختلف مستعملي هذه اللغة، في جميع الميادين، إلى أداة موضوعية تمكنهم من معرفة مدى قدرة نص ما على تبليغ الرسالة التي يتضمنها بأمانة وصدق، وبالتالي، التأكد من مدى تحقق عملية التواصل.
أسئلة الملتقى:
انطلاقا ممّا سبق، نسعى، من خلال هذا الملتقى، إلى إثارة جملة من التساؤلات لبلورة رؤية شاملة تعاين مدى انقرائية النصوص في اللغة العربية، بالنظر إلى أنواع مختلفة من الكتابات، فتطرح إشكالية تقدير الانقرائية في اللغة العربية وتتباحث في المقاربات التي ينبغي اتباعها لتحسين مستوى انقرائية النصوص التعليمية ابتداء، وذلك تمهيدا للبحث في آفاق أبعد عن كيفية ابتكار أساليب قياس جديدة خاصة بمختلف أنواع المكتوب باللغة العربية، ويُطرح في هذا السياق عدد كبير من التساؤلات، من أهمها ما يلي:
1- ما مفهوم انقرائية النصوص؟ وما علاقتها بأنواع القراءة أو بمعارف القارئ وخبراته السابقة؟
2- ما أنسب تعريف لها؟ وما أصوب ترجمة لمصطلح Lisibilité؟
3- ما العوائق التي تحول دون فهم النصوص؟ وما مؤشرات زيادة أو نقصان انقرائية النص؟
4- ما هي أبرز مراحل تطور البحث في انقرائية النصوص عالميا وعربيا ووطنيا؟
5- ما أبرز الجهود في مجال بناء وتطوير وتجريب أساليب جديدة لقياس انقرائية النصوص عامة والعربية منها خاصة؟
6- ما مدى انسجام خصائص اللغة العربية البيانية مع متطلبات الجودة في انقرائية النصوص؟
7- ما أثر تطبيق بعض المتغيرات (نوع المقاربة التعليمية، المناهج المدرسية،…) في رفع مستوى انقرائية النصوص التعليمية المختلفة؟
8- ما العلاقة بين انقرائية الكتب التعليمية العربية (العلمية والأدبية) والتحصيل في مختلف المراحل الدراسية؟
9- ما مدى انقرائية النصوص التعليمية في مختلف التخصصات والمراحل، وما مدى انقرائية روائع الأدب العربي قديما وحديثا، وما مستوى انقرائية غير ذلك من النصوص في أي مجال علمي أو معرفي؟
10- ما أنسب أساليب القياس لمعرفة انقرائية النصوص في اللغة العربية باختلاف المجال التخصصي لهذه النصوص؟ ما مشكلات الأساليب المختلفة؟ أتحتاج العربية إلى وسائل خاصة بها لقياس انقرائيتها؟ ماذا يمكن أن يُقدَّم من مقترحات تسهم في تطوير انقرائية النصوص في اللغة العربية وتراعي خصائص النصوص وخصوصيات هذه اللغة على مستوى الشكل وقضايا الدلالة معا؟
مواعيد هامة:
- تاريخ الإعلان عن الملتقى:06 جويلية 2022.
- آخر أجل لإرسال المداخلات: 25 نوفمبر 2022.
- الرد على أصحاب المداخلات المقبولة:30 نوفمبر 2022.